أخبار لبنان

اتفاق تعاون بين تل شيحا واوتيل ديو برعاية البطريرك عبسي

شهدت مدينة زحلة حفل توقيع اتفاق تعاون بين مستشفى تل شيحا ومستشفى اوتيل ديو برعاية وحضور غبطة البطريرك يوسف عبسي في اوتيل قادري الكبير.

حضر الإحتفال رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، نقيب الأطباء في لبنان البروفسور يوسف بخاش، رئيس جامعة القديس يوسف ورئيس مجلس ادارة اوتيل ديو الأب سليم دكاش، مدير عام اوتيل ديو نسيب نصر، راعي ابرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض، راعي ابرشية زحلة للسريان الأرثوذكس المطران بولس سفر، راعي ابرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت انطونيوس الصوري ممثلاً بالأرشمندريت ارميا عزام، ممثل مطران الرمن الأرثوذكس في زحلة الأرشمندريت حنانيا كوجنيان، راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي بشارة حداد، راعي ابرشية طرابلس وتوابعها للروم الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، راعي ابرشية صور للروم الكاثوليك المطران جورج اسكندر، امين عام مجلس البطاركة والأساقفة في لبنان الأب كلود ندره، امين عام المدارس الكاثوليكية في لبنان الأب يوسف نصر، امين السر العام في اللجنة الأسقفية لراعوية الخدمات الصحية في لبنان الأب ادغار الهيبي، رئيس عام الرهبانية الباسيلية المخلصية الأرشمندريت طوني ديب، رئيس عام الرهبانية الباسيلية الشويرية الأرشمندريت برنار توما، الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية الأب مايكل زميط، وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان، وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال جورج كلاس

دولة نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي، النواب: جورج عقيص، ميشال ضاهر، ميشال موسى، سليم عون، الياس اسطفان وبلال حشيمي، الوزراء السابقون: سليم جريصاتي، غادة شريم عطا، خليل الهراوي، النواب السابقون : طوني ابو خاطر، شانت جنجنيان، يوسف المعلوف، مدعي عام البقاع القاضي منيف بركات، عضو المجلس الدستوري القاضي ايلي مشرقاني، مدعي عام ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس، محافظ البقاع القاضي كمال ابو جودة، رئيس بلدية زحلة المعلقة وتعنايل المهندس اسعد زغيب، جوزف سكاف نجل الوزير الراحل الياس سكاف، عضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب ممثلاً قائد الجيش العماد جوزف عون، مفتش عام قوى الأمن الداخلي العقيد فادي صليبا، رئيس تجمع الصناعيين في البقاع نقولا ابو فيصل، رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة، العديد من السفراء والقناصل، القيادات الأمنية والعسكرية، الهيئات الإجتماعية والصحية، رؤساء البلديات والمخاتير، القضاة والمحامون، الأطباء والممرضات، الكهنة والرهبان والراهبات.  

بداية الإحتفال مع النشيد الوطني اللبناني ومن ثم كلمة ترحيب لمقدم الحفل الإعلامي بسام ابو زيد. 

بخاش

نقيب الأطباء في لبنان البروفسور يوسف بخاش شرح في كلمته تفاصيل المفاوضات في رحلة الوصول الى توقيع الإتفاق وقال: 

” لم يكن من السهل قبول تحدي اعادة مستشفى تل شيحا الى الخارطة الصحية البقاعية، ولم يكن من السهل ايضاً القبول بأفول نجم هذا الصرح الطبي الذي ابصر النور عام 1906 كما اظهرت الوثائق والمستندات. فما كان عليّ سوى قبول التحدي مراهناً على النجاح وعلى تجاوب الاصدقاء في قبول مشروع التوأمة مع ادارة مستشفى اوتيل ديو، وعلى كل زحلي اصيل يأبى ان يرى تراثاً زحلياً عريقاً يتهاوى من دون ان يحرك ساكناً.

ولا تنسوا اني ابن هذه المدينة اولاً واخيراً، ولدت في مستشفى تل شيحا ونشأت في جوارها، معجباً بأطبائها آنذاك ومأخوذاً بعظمة ذلك الصرح الطبي الذي شكل حينها عنواناً للشفاء والحياة، وقد يكون هذا الصرح هو اول حافز لي لدراسة الطب واتخاذ من الإنسانية عنواناً لتأدية رسالتي في الحياة.

كذلك لم يكن من السهل تحقيق اي مشروع على مستوى انقاذ هذا الصرح لو لم يسعَ الخيّرون الى سداد الديون التي تراكمت بفعل عوامل اقتصادية وادارية وتنظيمية لن نخوض في تفاصيلها.”

واضاف ” ننطلق اليوم برؤية ايجابية ونعلم اننا نحتاج الى مزيد من العمل والتضحيات لإعادة تل شيحا الى الحياة الطبيعية. ونراهن في هذا السياق على تفهم جميع العاملين في المستشفى من اطباء وجهاز تمريضي ولجنة ادارية شرّفني سيادة المطران ابراهيم ابراهيم بتولي نيابة رئاستها وحمّلني مسؤولية كبيرة، يحتاج نجاحي في كسب تحديها الى تضافر جهود المخلصين والمحبين وفاعلي الخير، وتفهم كل واحد منا لخصوصية هذا الصرح العريق والتعاطي الإيجابي مع القرارات بعيداً عن تسييسها وشخصنتها.

انطلاقاً من ان عمل المستشفيات هو عمل انساني قبل كل اعتبار، وصحة الوطن هي من صحة المواطن، شرعنا بمفاوضات مع الشركاء في تحمّل المسؤولية. وللحق نقول انها لم تكن مفاوضات شاقة بل عميقة وعلمية تنطلق من معرفة كل فريق لأهمية المستشفيات،واضعاً الإنسان وضرورة الشفاء في سلّم اولوياتها بعيداً عن الإعتبارات الأخرى، فكانت هذه الوثيقة التي نعتزّ بها ونفتخر بإنجازها. ولن انسى هنا شكر الأب سليم دكاش والصديق نسيب نصر على تعاونهما لما فيه مصلحة تل شيحا اولاً ومستشفى اوتيل ديو الجامعي ثانياً.”

وتابع بخاش ” ان الطموح هو حق مشروع لكل انسان، لا بل انه ضرورة وحاجة للتقدم والإرتقاء. ولا اقول سراً اذا كنت اطمح الى مستشفى جامعي اذا ما سمحت الظروف وتكاملت المعطيات،واضعاً في هذا السياق خبراتي وتجاربي كبروفسور في مستشفى جامعي وكنقيب لأطباء لبنان في بيروت في سبيل تحقيق هذا الهدف متكلاً على تعاونكم جميعاً.

في هذا السياق، وكوني ابن زحلة اولاً واخيراً لم اتركها يوماً الا لدراستي في الخارج، واعاهد كل مخلص وكل زحلي وكل بقاعي ان اكون خير عاملٍ ومساعدٍ لإعادة تل شيحا الى الخريطة الطبية والصحية والإجتماعية كونها حاجة اولاً وتراثاً ثانياً.”

وختم ” كل الشكر لصاحب الغبطة على رعايته هذا التوقيع، ولصاحب السيادة المطران ابراهيم ابراهيم وكل من مد يد العون لنجاح هذا العمل، ولن ننسى شكر الأب سليم دكاش والصديق نسيب نصر ”  

نصر  

مدير عام اوتيل ديو نسيب نصر تطرق في كلمته الى تاريخ المستشفيين واهمية التعاون بينهما في الظرف الحاضر، وجاء في كلمته:

يحتفي مستشفى أوتيل ديو دي فرانس في العام 2022 بمئويّته، وهو أحد أقدم المستشفيات في لبنان وفي المنطقة وأعرقها، إذ تمّ تدشينه في العام 1923. 

وإذا تتبعنا تاريخ مستشفى تل شيحا نلاحظ أنّ وضع حجر الأساس يعود إلى 6 آب من العام 1906. وفي تلك الحقبة نفسها، وبعد عدّة سنوات، قام الآباء اليسوعيون في العام 1912 بشراء قطعتَي أرض، بتشجيع من الأب لوسيان كاتان، تقع بالقرب من كليّة الطبّ لجامعة القدّيس يوسف، على طريق الشّام، لحساب الحكومة الفرنسيّة. أمّا الهدف من هذه المبادرة، فكان إنشاء مستشفى تطبيقيّ للكليّة. وقد تمثّل ذلك بإنشاء أوتيل ديو. 

بالتالي، باشر رؤيويّون في بيروت وفي زحله منذ أكثر من مئة سنة بأعمال واسعة النطاق لمساعدة اللبنانيين، فيما لم يكن لبنان الكبير قد تمّ إنشاؤه بعد أو كان بالكاد قد أبصر النور. 

وسواء كان الأب نورمان أوالأب كاتان، من الآباء اليسوعيين في بيروت، أو الأسقف سيريل مغبغب وجمعيّة المحبّة للروم الكاثوليك في زحله، فقد كانوا جميعهم مؤمنون، إيمانًا لا يتزعزع، بما سيصبح لاحقًا وطننا لبنان. 

في السنوات التّالية، تابع عشرات اليسوعيين وأساقفة الروم الكاثوليك في الفرزل وزحلة والبقاع جميعهم، حَمل هذه الرسالة. واليوم، لا يمكننا إلّا التنويه بهم وتكريمهم، فهم الذين أرشدونا إلى السبيل الذي ينبغي علينا اتباعه.”

واضاف ” لطالما ترافقت الرؤية الرياديّة والالتزام الثابت، إن في مستشفى أوتيل ديو أو في مستشفى تل شيحا. فشهدت هاتان المؤسّستان المرموقتان اللحظات العظيمة في تاريخ لبنان والعالم: ومنها الحربين العالميّتين الأولى والثانية، واستقلال لبنان، والحرب اللبنانيّة، والأزمة الاقتصاديّة الصعبة التي يمرّ بها البلد منذ العام 2019. ورغم ذلك، استطاعتا تخطّي المصاعب كلّها.

هذا التاريخ المشترك، وهذه التحدّيات المشتركة – التي تخطّتها كلّ مؤسّسة من جهّتها في منطقتها – وهذه الرسالة الإنسانيّة التي تهدف إلى تخفيف من معاناة المرضى ومساعدة أكثر الفئات ضعفًا، وهذا البحث المستمرّ إلى التميّز في الطبّ وفي جودة خدمات العناية، كلّ هذا جعل هاذين المستشفيين يتميّزان بالثقافة والروحيانيّة نفسها.

ولهذه الأسباب كلّها، كان لا بدّ لنا أن نعزّز علاقاتنا ونتشارك طاقاتنا، ومهاراتنا وخبراتنا لمصلحة سكّان منطقة البقاع كلّهم.”

وتابع نصر ” يعمل مستشفى أوتيل ديو ومستشفى تل شيحا لخدمة القضيّة نفسها، وهي القضيّة الإنسانيّة. كما يتشاركان الهدف ذاته، المتمثّل بعلاج الناس من خلال استخدام أعلى مستوى الرعاية، وذلك عن طريق تقديم خدمات طبيّة متقدّمة على يد أمهر الأطبّاء، وتوفير رعاية صحيّة على يد فرق متفانية من الممرّضين والممرّضات، بدعم من فرق إداريّة محترفة وفعّالة. 

وقد تَجرّأنا في مستشفى أوتيل ديو على القيام بخَيار شجاع على الرغم من أننّا نمرّ بأسوء فترة عرفته البلاد: وهو أن نقفَ ونسيرَ قدمًا. ولا يبقى أدنى شكّ في رسالتنا الاجتماعيّة والإنسانيّة. وما زلت أردّد منذ بداية هذه المئويّة: “لم نعش مئة سنة، لنموت اليوم”. إنّ قوانا المعنويّة، وإيماننا، وثقتنا وتماسكنا هو خير دليل على صمودنا الفريد. 

لذا، سنتابع يدًا بيد مع مستشفى تل شيحا مسيرتنا على هذه الدرب. وهذا وعدنا وهذه رسالتنا. وأتعهّد بتحقيق ذلك.

ابتداءً من اليوم، ينضمّ مستشفى تل شيحا في زحلة إلى أكبر شبكة مستشفيات في لبنان، التي تضمّ مستشفى أوتيل ديو دو فرانس في بيروت، ومستشفى السان شارل في الفياضيّة، ومستشفى المونسيور قرطباوي في أدما.مبروك للجميع وأهلًا وسهلًا بكم في أسرتنا الكبيرة.”

وختم ” أودّ أن أشكرَ غبطة البطريرك يوسف عبسي على حضوره العزيز على قلوبنا، وسيادة المطران ابراهيم ابراهيم على دعمه المستمرّ، وعميد الجامعة اليسوعيّة ورئيس مجلس إدارة أوتيل ديو البروفسور سليم دكاش لإرشادنا على هذا الدرب، ولجنة إدارة مستشفى تل شيحا، والدكتور يوسف بخاش على طاقته ورؤيته.

وشكري أيضًا لكلّ الفرق العاملة في مستشفى تل شيحا وأهالي زحله والبقاع. شكرًا على ضيافتكم وكرمكم. سنقوم معًا بتحقيق مشاريع جميلة ذات مستقبل مشرق.”

بعد كلمة نصر عرض شريط وثائقي عن تاريخ اوتيل ديو وتطوره عبر التاريخ والخدمات التي يقدمها. 

دكاش

رئيس جامعة القديس يوسف ورئيس مجلس ادارة اوتيل ديو البروفسور سليم دكاش شدد في كلمته على اهمية الرسالة التي يؤديها مستشفيا تل شيحا واوتيل ديو فقال :

” بعد طلب البركة، أن نجتمع اليوم في الخامس عشر من شهر كانون الأوّل ونحن على أبواب عيدَي الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة فإنّما نعيش زمن ولادات جديدة نأمل أن تكون فاتحة خير وازدهار وتجدّد لوطننا الحبيب لبنان، وعلى مستوانا في الجامعة اليسوعيّة ومستشفاها أوتيل ديو دو فرانس، نستقبل جديدًا في شبكتنا الاستشفائيّة هو مستشفى تلّ شيحا.

نستقبل تراثًا وتاريخًا وذاكرة فتلّ شيحا ليس ابن البارحة ولا مؤسّسة ظرفيّة بل هي متجذّرة منذ مطلع القرن العشرين في أرض زحله والبقاع. فعندما تقول تلّ شيحا فذلك يعني بالنسبة للزحليين أنّهم يعرفون تاريخهم ومتعلّقون به فمن من عائلات زحله والمنطقة كم تتطبّب في رحاب المستشفى وكم من الأهلين كبارًا وصغارًا رأوأ النور في مستشفى تلّ شيحا، ترافقهم ابتسامة الممرّضات وكفاءة الطبيب.”

واضاف” نستقبل مهمّة اجتماعيّة تحدّث عنها الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان على لسان البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني في الفقرة 102 منذ 25 سنة حيث طالب “بتطوير التضامن الوطني في نطاق الصحّة بحيث يستطيع كلّ إنسان الإفادة من العناية والمساعدة الطبيّة الضرورويّة بغضّ النظر عن إمكانيّاته”، خصوصًا في هذه الظروف القاسية التي نعيشها والتي همّشت قسمًا كبيرًا من اللبنانيين عن الخدمات الطبيّة والاستشفائيّة. وإنّي أرى في أهلنا كثيرًا من لبنان والمقيم والمنتشر من سوف يمدّون اليد لتمكين المحتاجين من أجل رعايتهم الصحيّة.

نستقبل خبرة طويلة في الخدمات الطبيّة والاستشفائيّة، حيث إنّ المستشفى وخلال عشرات السنوات استفاد من الكثير من الأطبّاء الذين تدرّبوا وتمرّنوا على يد مهرة من الاختصاصيين والمعلّمين في كليّة الطبّ الفرنسيّة في الجامعة اليسوعيّة في بيروت، ولا زال هذا التقليد مستمرًّا حيث إن مستشفى أوتيل ديو وحده يضمّ خيرة من الأطبّاء الزحليين والبقاعيين وهم أكثر من 25 طبيبًا ومنهم كُثر يمارسون المهنة في مستشفى تلّ شيحا وغيره من مستشفيات المنطقة، دلالة على أنّ من سيحمل معنا همّ ومهمّة ترقية المستشفى نحو الأفضل هم أبناء زحله بأنفسهم الذين صنعوا أمجاد تلّ شيحا والأجيال الحالية واللاحقة سوف تستعيد وتحقّق هذا الحلم الجميل.

نستقبل رسالة إنسانيّة إستشفائيّة هي درّة ثمينة تودّ مطرانيّة زحله للروم الكاثوليك بحضور راعيها أن تحافظ عليها لتكون مؤسّسة خادمة لأبناء المنطقة جميعًا ونحن في الجامعة اليسوعيّة لن نألو جهدًا من ضمن شبكة أوتيل ديو دو فرانس والجامعة اليسوعيّة في المحافظة على هذا الهدف وعلى القِيَم الروحيّة والإنسانيّة والمسيحيّة والكاثوليكيّة التي قام عليها المستشفى مستمدًّا رسالته من الكنيسة الأبرشيّة، فنكون إذّاك أمناء على هذا الواجب عبر العمل الدؤوب وعبر مدّ المستشفى بكافّة الوسائل الحديثة لإتمام رسالته على الوجه الأفضل.”

وختم دكاش ” إنّ الجامعة اليسوعيّة وُجدت منذ 45 سنة على أرض البقاع كخادمة للتعليم والنموّ والتطوير عبر أكثر من كليّة واختصاص. وأن تكون مؤتمنة اليوم على رسالة المستشفى، فذلك دعوة لنا بأن نطوّر الاختصاصات الطبيّة والتمريضيّة لتقوية المستشفى بخبرات وكفاءات جديدة. ومجمل القول، اليسوعيّة باقية ها هنا في زحله وتعنايل وفي السهل عبر مختلف مؤسّساتها لأنّها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان لها شهداء رووا بدمائهم هذه الأرض ونحن ضنينون بأن نحافظ على هذه الشهادة عبر استمرار الرسالة والخدمة.

يبقى لي أن أعبّر عن أصدق التمنيّات لمناسبة عيدَي الميلاد ورأس السنة!

عشتم، عاشت مدينة زحلة والبقاع، عاشت الرسالة الاستشفائيّة لتلّ شيحا،عاش لبنان.” 

المطران ابراهيم

المطران ابراهيم مخايل ابراهيم تطرق في كلمته الى اهمية الخطوة  التي تشهدها زحلة اليوم لتحسين الواقع الإستشفائي في المنطقة فقال:

أتلو على مسامعكم بعض أبيات من قصيدة نظمها الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي عن مستشفى تل شيحا يصف فيها أيضا كرمَ الزحليين وأقول معه:

لَقَد حَسَدَتكِ أُمُّ الفَنِّ روما كَما حَسَدَتكِ ضَرَّتُها أَثِنا

فَمَجدُكِ فَوقَ مَجدِهِما عَلاءً وَحُسنُكِ فَوقَ حُسنِهِما فُتونا

وَلَكِن فيكِ إِخوانٌ هَوَينا لِأَجلِهِمِ جَميعَ الساكِنينا

إِذا غَضِبوا عَلى الدُنيا غَضِبنا وَإِن يَرضوا عَلى الدُنيا رَضينا

دَعاهُم لِلعُلى وَالخَيرِ داعٍ مِنَ الوادي فَلَبَّوا أَجمَعينا

أَيَخذِلُ جارَةَ الوادي بَنوها مَعاذَ اللَهِ هَذا لَن يَكونا

فَما لاقَيتُ زَحلِيّاً جَباناً وَلا لاقَيتُ زَحلِيّاً ضَنينا

تَأَمَّل كَيفَ أَضحى تَلُّ شيحا يُحاكي في الجَلالَةِ طُورَسينا

فَيا أَشبالَ لُبنانَ المُفَدّى وَيا إِخوانِنا وَبَني أَبينا

تَبارى الناسُ في طَلَبِ المَعالي فَكُنتُم في المَجالِ السابِقينا

وَشُدتُم مَعهَداً في تَلِّ شيحا سَيَبقى مَلجَأً لِلبائِسينا

أيها الأحباء،

أشكر الله فوق كل شيء وأمَّهُ سيدةَ النجاة على هذا اليوم المنير وعلى هذا المستشفى الذي تربع على عرش زحلة. العروسُ الذي تتوج عبر الأجيال بأكلَّةِ مجد الطبابة والتمريض وعناية السامري الرحيم. 

كما أشكر السيد إدمون مرجبا وعقيلتَه نورما وكل العاملين في أوتيل قادري على كرمهم وطيب استقبالهم لنا في هذا الصرح الزحلي والوطني الجامع.”

واضاف ” إليكم العهد والثوابت التي لن تتغير، لا في الهُويةِ ولا في الانتماء، فالاتفاقية المُزمعُ توقيعُها اليوم مع أهم وأكبر مستشفى في لبنان على الإطلاق تكمّل ولا تُنقِص وتَزيد ولا تُقلِّل:

* مستشفى تل شيحا مشروع زحلي إنساني قام على تلاقي إراداتٍ واعية وتعاونِها من أجل عمل الخير ولخدمة الإنسان الزحلي والبقاعي، ولذلك استمرت عملية بنائه من 1906 (تاريخ وضع حجر الأساس أيام المثلث الرحمة المطران كيرلس مغبغب فيما بعد بطريرك) إلى العام 1949 (تاريخ التدشين الرسمي أيام المثلث الرحمة المطران أفتيميوس يواكيم). تل شيحا مع مرور الأعوام لا يزال في عملية البناء والتطور والتجديد. بكلمات واضحة، ثابتة ومقتضبة: تل شيحا من الزحليين وللزحليين والبقاعيين باقية كما كانت في الأمس واليومِ وعلى الدوام. 

* تل شيحا ليس مؤسسةً تجارية استثمارية تسعى من خلال الخدمات التي تقدمها إلى تحقيق أرباح وعائدات مالية توزعها على مساهمين ومستثمرين.

* تل شيحا ليس مؤسسة خيرية تابعة لجمعية أو منظمة إنسانية دولية لها مواردها المالية وتستطيع الإنفاق على تشغيل المستشفى وتأمين الخدمات المجانية أو شبه المجانية للمرضى.

* تل شيحا لا يتبع لتنظيم سياسي أو لحزب أو لدولة تنفق عليه وتحقق المكاسب من وراء تشغيله من خلال الخدمات التي يقدمها.

* لقد تلاقت إرادة مطرانية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك والجمعية الخيرية الكاثوليكية وغيرها من الجمعيات مع إرادات الزحليين من كل المذاهب والطوائف مقيمين ومغتربين الذين قدموا الأموال والتبرعات السخية لإقامة هذه المؤسسة الرائدة التي قدمت الخدمات الطبية للمرضى دون تمييز أو تفرقة.

* لم يكن يوماً هدف إدارة المستشفى تحقيقَ الأرباح والفوائض المالية. كانت توجيهاتُ الأساقفة الذين تعاقبوا على رئاسة اللجنة الإدارية تشدد دائماً وتحرِص على تأمين نفقات التشغيل والتجديد في البناء والمعدات والأجهزة من جِهة وعلى مساعدة الفقراء والمحتاجين من جِهة أخرى. وعندما كانت موازنة المستشفى تواجه صعوبات لم تتوانَ المطرانية عن تأمين الدعم المالي في حدود إمكاناتها.

* تل شيحا مؤسسةٌ استشفائية فتحت أبوابها لجميع المرضى والأطباء دون تمييز أو تفرقة ولسنينَ طويلةٍ كانت المرجع الطبي الأساسي لكل البقاعيين وحتى للبنانيين من كل المناطق وللأشقاء العرب الذين قصدوها ووجدوا فيها دفء الاستقبال والرعاية المميزة.

* التوأمة بين مستشفى تل شيحا ومستشفى أوتيل ديو هي توأمة بين مؤسستين منغرستين في تاريخ لبنان تحمِلان الهموم والهواجسَ المُشتركة. وقد ألّفَّ بعضُ الأطباء وعلى رأسهم البروفسور أنطوان الغصين إبن زحلة، والمتجذرُ في هذه المدينة، حلَقةَ تعاونٍ وتواصل صلبة ودائمة بين المؤسستين. واليوم يقوم نقيبُ أطباء لبنان البروفسور يوسف البخاش مشكورا لِدورِ رائدٍ في تعزيز هذا التعاون وتعميقِه.”

وختم المطران ابراهيم ” أشكر جميع الذين بنَوا أمجاد مُستشفى تل شيحا منذ تأسيسه حتى تاريخ استلامي له. كما أشكر جميع الذين ساعدوني على إنهاء الديون المتراكمة ودعموني في بدء مسيرة النهوض والانطلاق نحو هذا اليوم التاريخي المبارك.

عُنوان هذه المَرحلة القادمة أختصرها ببضع كلمات: الشفافية والنهوض، ثم الشفافية والاستقرار، ثم الشفافية والازدهار وصولاً إلى أعلى مرتبات العطاء والتألق والتفوق والنجاح.

عِشتم وعاشت تل شيحا وعاشت أوتيل ديو وعاشت زحلة وعاش البقاع وعاش لبنان.” 

بعد كلمة المطران ابراهيم عرض فيلم وثائقي عن مستشفى تل شيحا يروي مراحل تأسيسه وتدشينه ومراحل تطوره 

البطريرك عبسي

البطريرك يوسف عبسي بارك الخطوة الهامة التي شهدتها زحلة وقال في كلمته:

” أيّها الأحبّاء، بسرور  وفخر كبيرين أشكر سيادة الأخ المطران إبراهيم إبراهم، رئيس أساقفة أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع، على دعوتي إلى أن أقف فيما بينكم في هذا المساء، أن أشارك وأن أكون شاهدًا على هذا الحدث التاريخيّ، الطبّيّ والاجتماعيّ، الكنسيّ والوطنيّ، توأمةِ مستشفى أوتيل ديو ومستشفى تلّ شيحا.

ما نشهده في هذه الساعة وهذا المكان ليس أمرًا عاديًّا بسيطًا عابرًا، وليس مناسبة مثلَ غيره من المناسبات. إنّه حصيلة مساعٍ وجهود حثيثة ودراسات رصينة بلا شكّ، يستحقّ الثناءَ عليها من يسّروها ومن أنجزوها وفي مقدّمتهم سيادة المطران إبراهيم إبراهيم وحضرة الأب سليم دكّاش ومن آزروهما من كلا الجانبين. لكنّ ما نشهده الآن هو خصوصًا وأوّلاً حصيلة إرادة في التعاون مبنيّة على قناعة في أنّنا نكبر معًا وننمو معًا كأعضاء في جسم واحد، وفي أنّ لنا رسالة نابعة من إنجيلنا وهي أن نقلّص الفوارق  بين الناس وبين الجماعات، أكانت صغيرة أم كبيرة، وأن نجعل هدفنا تكافؤَ الفرص والحقّ في المسكن والعمل والغذاء والطبابة لكلّ إنسان.” 

واضاف ”  ما نشهده اليوم من توأمة على المستوى الطبّيّ هو صورة لما يجب أن تكون الأمور على مختلف الأصعدة. ننادي كثيرًا بأن نعيش معًا ولكن ننسى أنّ الأساس في هذا العيش هو الإرداة وهو العمل معًا يدًا بيد. العمل معًا، العمل الجماعيّ إذ إنّ هذا النوع من العمل يثمر أكثر من غيره وهو المطلوب اليوم أكثر من أيّ وقت مضى. لذلك ما كان مستشفى تلّ شيحا الذي يعود إلى الكنيسة الملكيّة حكرًا عليها، بل كان على الدوام مستشفى للجميع، مستشفى الزحليّين وكلّ من قصده من حولهم للاستشفاء. وما هذه التوأمة التي نحتفل بها اليوم إلاّ دليل على ما نقول. العمل الإنسانيّ ليس له صبغة. صبغته هي محبّة القريب. مستشفى تلّ شيحا هو المستشفى الوحيد الذي تمتلكه كنيستنا الملكيّة. لكنّنا نحن لا نحبّ أن نقول هذا المستشفى أو ذلك المستشفى هو لهذه الطائفة أو لتلك الطائفة. إنّه للجميع وما يهمّنا هو أن يقدّم الخدمات لجميع المواطنين وما هذه التوأمة إلاّ دليل على ذلك. نتمنّى على القيّمين الجدد أن يسعوا إلى جعله مستشفى جامعيًّا فيساعد على النحو على إنشاء كلّيّات طبّ في  الجامعات التي في زحلة وجوارها. 

إلى ذلك فإنّ التوأمة التي نشهد على حصولها اليوم والتي نباركها من قلبنا هي نموذج للتعاون بين العلمانيّين بعضهم مع بعض من ناحية وبين الإكليروس والعلمانيّين من ناحية أخرى. منذ سنوات ندعو إلى هذا التعاون في كنيستنا، ونكرّر الدعوة اليوم في هذه المناسبة. ليس تنافس بين الطرفين بل تكامل وتعاون بالاحترام والمحبّة والسعي إلى الخير العامّ الذي هو هدفنا جميعًا بعيدًا عن المصالح الشخصيّة والنظرات القصيرة البعد والدوافع العصبيّة.”

وتابع غبطته ” مستشفى تلّ شيحا هو مرآة للزحليّين جميعًا يرون فيه أنفسهم ويفتخرون به. إنّه عنوان ورمز من عناوين ورموز زحلة ارتبط اسمه وشهرته باسم زحلة وشهرتها منذ القديم. توأمة تلّ شيحا مع أوتيل ديو تجعلنا نحن أبناء زحلة نتضامن ونتكاتف ونتعاون أكثر فأكثر  متجاوزين كلّ ما يفرّق وباحثين عن الأشياء التي تجمعنا وتجعل مدينتنا أكثر ازدهارًا ورقيًّا ورفاهية، عاملين معًا من أجلها على جميع الصعد. هذا المستشفى كان وسيبقى مستشفًى زحليًّا ولبنانيًّا. إنّه صورة لكنيستنا المعروفة منذ نشأتها بالانفتاح على الآخر وتقبّل الآخر والقائمة على الحوار والجمع بين مكوّنات الوطن أفرادًا وجماعات ومؤسّسات والرافضة للتعصّب والانكماش والانطواء على الذات. نرجو أن تكون المرحلة الجديدة القادمة مبنيّة على هذه المبادئ فيستطيع كلّ محتاج أن يجد في مستشفى تلّ شيحا علاجًا وشفاء.

غالبّا ما نتكلّم أو نسمع أو نسعى إلى توأمة بين الخارج والداخل، بين مدينة من الخارج ومدينة من الداخل، بين مؤسّسة من الخارج وأخرى من الداخل. ما نصبو ونسعى إليه هو أن تحصل توأمات من الداخل إلى الداخل، من بلدة أو مؤسّسة لبنانيّة إلى بلدة أو مؤسّسة لبنانيّة؟ هذا هو الأمر الطبيعيّ. الاعتماد على القوى الذاتيّة. هذا هو أساس النجاح والتقدّم الثابتين والمستمرّين. لا أحد يعلم حاجاتنا أكثر منّا. نرجو أن تكون هذه التوأمة مثالًا وحافزًا لغيرها من التوأمات لأنّنا بالتوأمة نصنع مصيرنا معًا ونطمئنّ كلّنا إلى مصيرنا. ومن الجميل أن تولد هذه التوأمة في الأيّام التي نستعدّ فيها لميلاد السيّد المسيح. لا شكّ أنّها علامة رجاء من الرجاء الكبير الذي حمله إلينا هذا الميلاد، الرجاء الذي لا يخزى وعليه نعيش.”

وختم عبسي ” الشكر من جديد لسيادة الأخ المطران إبراهيم إبراهيم ولحضرة الأب سليم دكّاش صانعَي هذه التوأمة وللصديق الدكتور يوسف بخّاش القلب النابض فيها. خطوة رائدة جريئة. قد يعتقد البعض أنّها انتقاص من الروم الكاثوليك ومن زحلة بنوع خاصّ. إنّها على العكس قوّة. في بعض الأحيان يلزمنا الجرأة ولو كان يراها البعض ضعفًا. قد يقول البعض خسرنا استقلالنا وحرّيّتنا. لم نخسر لأنّ الخسارة ليست في أن لا أكون حرُّا مستقلاًّ بل الخسارة في أن لا نكون معًا لأنّنا إذّاك نكون أحرارًا بالحقّ  والفعل. السيّد المسيح أخلى ذاته، تخلّى عن ذاته لكي يكون معنا ويخلّصنا. هذه قوّته وعظمته وهذه قوّتنا وعظمتنا. ولتكن  زحلة السبّاقة والمثال في ذلك.

هنيئًا لأهل  زحلة وللبنان بهذه الخطوة مع تمنّياتنا بل مع إيماننا بنجاحها. نسأل الله تعالى أن يباركها وأن يكافئ الذين أنجزوها وأن تليها خطوات مماثلة من أجل خير لبنان وجميع أبنائه.” 

وفي ختام الإحتفال  قدم الأب دكاش دروعاً تكريمية الى البطريرك عبسي والمطران ابراهيم وشرب الحضور نخب المناسبة .