منوعات

مركز الزيتونة يصدر دراسة حول أثر القوة العقيمة في تحديد المستقبل الإسرائيلي

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: “القوة العقيمة في تحديد المستقبل الإسرائيلي”، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، خبير الدراسات المستقبلية.
ويرى د. عبد الحي أن القوة العقيمة تعني العجز لفترة تاريخية طويلة عن الوصول إلى الهدف الاستراتيجي على الرغم من توفر المقومات الثلاثة للقوة: القوة الخشنة لتحقيق الهدف قسراً، كالقوة العسكرية، والاقتصادية، والجغرافية، والسكانية، والموارد الطبيعية؛ والقوة الناعمة لتحقيق الهدف بالقوة الجاذبة كمستوى الشرعية، والقيم السياسية، والتعليم، والثقافة، والديبلوماسية…إلخ؛ والقوة الذكية والتي تعني فن إدارة عناصر القوتَين الخشنة والناعمة بشكل تكاملي يعزز فرص تحقيق الأهداف الاستراتيجية بأقل تكلفة وأعلى مردود ممكن.
وأشار الباحث إلى أن تجارب الاستعمار خلال القرنَين الماضيَين، وابتداع الشعوب المقهورة لحروب العصابات، وتفكُّك الإمبراطوريات القديمة والمعاصرة تمثّل نماذج على قوى عقيمة، حيث تقدِّر بعض الدراسات أن 25% من النزاعات الدولية انتهت بانتصار الضعيف، مما يعزز من فرضية وجود القوة العقيمة في العلاقات الدولية.
وقد عمد د. عبد الحي في بحثه إلى تطبيق مفهوم القوة العقيمة على “إسرائيل”، فأشار أنه على الرغم من كل ما أنجزته “إسرائيل” من المشروع الصهيوني؛ من سيطرة على الأرض، أو اختراقات للبيئة العربية، أو تفوق عسكري وتقني على المنطقة العربية، إلا أن كل ذلك لم يوصلها إلى الإقرار بشرعيتها التامة وغير الملتبسة، ولا إلى التخلص من المواطنين الفلسطينيين الذين يفوق عددهم عدد اليهود في فلسطين التاريخية، ولا وقف المقاومة ولا تخفيف أعباء الدفاع عن ذاتها، ولا القدرة على رسم صورة إيجابية لها في بيئتَيها الإقليمية والدولية، ناهيك عن التشققات الاجتماعية في جدرانها الاجتماعية الداخلية، وهو ما يعزز فكرة أن القوة التي تمتلكها “إسرائيل” هي قوة عقيمة لم توصلها لمرحلة الانتقال للدولة الطبيعية، وهو ما نراه مقدمة لإعياء قد يأخذها في طريق كافة أنماط الاستعمار الاستيطاني المشابه لها، خصوصاً من الجوانب الديموجرافية، والجيو–سياسية، والجيو–استراتيجية.
وأضاف الباحث أن “إسرائيل”، من جانب آخر، تشعر بالقلق مستقبلاً من مصادر جديدة مثل: الخطر الإيراني، والمخاوف من انعكاسات التخلي الأمريكي التدريجي عن أولوية الشرق الأوسط مقارنة بالأقاليم الجيو–استراتيجية لها. كما تقلق من احتمالات انقلاب النزعة التركية تجاه “إسرائيل”، خصوصاً نتيجة علاقة رجب طيب أردوغان بالحركات الإسلامية ونزعة السيطرة على حوض المتوسط، ثم الخوف من ما يستبطنه المجتمع العربي الرافض للوجود الإسرائيلي بشكل لا لبس فيه، ثم استمرار المقاومة الفلسطينية ولو بين مدٍّ وجزر ولكنها لم تتوقف.
واستدل الباحث على حجم القلق الإسرائيلي من خلال إشارته إلى خلاصة دراسة صادرة عن أحد أهم مراكز الدراسات السياسية الإسرائيلية في تشرين الثاني/ نوفمبر2021، جاء فيها حرفياً “من المهم أن نصوِّر بدقة الوضع الجديد الذي ظهر تدريجياً على مدى الجيل الأخير، وأن نطلق تحذيراً بصوت عالٍ وواضح ضدّ التفسير المفرط في التفاؤل والتوقعات التي لا أساس لها من الصحة؛ لتغيير العلاقات العربية الإسرائيلية في المستقبل المنظور”.