منوعات

مركز الزيتونة يعقد حلقة نقاش مغلقة حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته المستقبلية

عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات حلقة نقاش بعنوان “العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته المستقبلية”، ذلك يوم الأربعاء 10 آب/ أغسطس 2022. وشارك في الحلقة مجموعة من الباحثين والخبراء المتخصصين في الشأن الفلسطيني.

افتتح مدير مركز الزيتونة الأستاذ الدكتور محسن محمد صالح حلقة النقاش، الذي رحَّب بالحضور، وأشار إلى أن هدف حلقة النقاش هو تكوين تقدير موقف للعدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، والوقوف على أداء المقاومة والعمل على استخلاص العبر وتقييم الأداء للخروج بالتوصيات البناءة والمفيدة بهدف تطوير العمل المقاوم ووضع الاستراتيجيات المناسبة.

وقد كانت المداخلة الأولى للأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، خبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية، الذي أكد على إبداء حرصه وخوفه على هذه المقاومة أكثر من الرغبة في نقدها أو الإساءة لها. وأشار إلى أنه توقع وقوع عدوان إسرائيلي على قطاع غزة منذ فترة؛ بناءً على متابعة مراكز الدراسات الإسرائيلية وتوجهات القادة الإسرائيليين في الفترة الماضية. ونبه إلى أنه من خلال تحليله للخطاب السياسي للقيادة التي واجهت العدوان، وجد أن السمة الرئيسية لمضمون الخطاب السياسي هي السقوف المرتفعة لشروط إبرام التهدئة والتهديدات عالية النبرة خلال العدوان، المتأثرة بعامل الارتجال البعيد عن التخطيط، مما أحدث حالة من الإرباك والشك لدى المتابع لتطورات المعركة.

ورأى عبد الحي أن قرار حركة حماس عدم المشاركة العسكرية في القتال، رغم أنها لم تكن عقبة في وجه مشاركة حركة الجهاد في المعركة، كان قراراً صائباً، حيث فوّت على “إسرائيل” فرصة استدراج الحركة إلى حرب واسعة يتحكم الاحتلال بساعة توقيتها وضبط سيناريوهاتها. وأوضح أنه منذ تولي حماس الحكم في غزة، حدثت 6 مواجهات، والملاحظ أن الفترة الفاصلة بين هذه الحروب آخذة بالتضاؤل معركة بعد معركة؛ بمعنى أن خلال عامين سنواجه معركة جديدة.

وأوضح عبد الحي أن الجانب الإسرائيلي ركّز، من خلال هذه المعركة، على توسيع الشرخ بين موقفي حركة حماس وحركة الجهاد، حول توقيت المواجهة وطبيعتها، ووفق ما ليه من معطيات فإن احتمالات نجاحه تصل إلى نسبة 30 بالمائة. ورأى أن “إسرائيل” ستحاول التركيز على هذا الجانب لتكريس الفصل بين الحركتين، من خلال الاستفزازات في الفترة المقبلة؛ مستغلة التطورات الدولية والإقليمية وانتخابات الكونجرس الأمريكي القادمة.

وفي مداخلة الأستاذ هيثم أبو غزلان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أكد أن الاحتلال لم يستطع إيجاد فجوة بين حماس والجهاد، على الرغم من بذله جهداً إعلامياً وسياسياً في هذا الاتجاه، وهو ما أكدته تصريحات أمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، الذي حرص على الإشارة إلى دور حركة حماس كحاضنة للمقاومة، ونوّه على أهمية الاتصال بين النخالة ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعلي هنية والترتيبات لعقد لقاءات بين القيادتين لأجل استخراج العبر والبناء عليها في المرحلة القادمة.

وأشار إلى أن حركة الجهاد لم تتسرع باتخاذ قرار الرد على العدوان، فقد كان هناك تريّث لمدة 6 ساعات، ظهرت من خلال المشاورات داخل الغرفة المشركة للمقاومة في قطاع غزة. وقد حرصت الجهاد على التشاور والتنسيق قبل الرد على العدوان.

أما الأستاذ عاطف الجولاني، كاتب وباحث ورئيس تحرير موقع السبيل الإلكتروني، فقد أكد خلال مداخلته، أن أهداف الاحتلال من هذه الحرب تمثلت في؛ تحقيق مكاسب انتخابية، واستعادة زمام المبادرة، وتعديل ميزان القوى بعد حالة الردع التي نتجت عن معركة سيف القدس، وضرب شعار وحدة الساحات، ومعاقبة حركة الجهاد على المقاومة في الضفة الغربية.

ورأى الجولاني أنه من الضروري قيام فصائل المقاومة بمراجعة ما تطرحه أمام العلن، من شعارات وأهداف، يبدو بعضها صعب التحقيق في هذه المرحلة؛ ما يدفع الجانب الإسرائيلي على تعمد التركيز على إفشالها، وإضعاف هذه القواعد وتفريغها، وإظهار المقاومة بالعاجزة؛ ما يضعها تحت ضغط كبير خصوصاً أمام حاضنتها الشعبية. وأكد على أهمية تنسيق الموقف ورد الفعل بين الفصائل، وعلى ضرورة عدم رفع سقوف شروط إنهاء المواجهة، وضرورة الإمساك بزمام المبادرة في المواجهات القادمة، وعدم الانجرار نحو استفزازات العدو، وتجنب الاستنزاف. وأهمية الحذر في التعامل مع الأطراف العربية في وعودها فهي تتحرك وفق مصالحها ومصالح العدو في بعض الأحيان. وتوقع أن يعمل العدو في الفترة القادمة، على تكثيف حملته الدعائية لتسويق الانجاز، وتعزيز قوة الردع، وشق صف فصائل المقاومة.

وكانت هناك مداخلات مهمة من الأساتذة، أحمد عبد الهادي، وزياد ابحيص، وأحمد عطاونة، ومحمد الجمل، وجمال عيسى، وعدنان أبو عامر، وساري عرابي، وأيمن زيدان، ووائل المبحوح، وأسامة حمدان.

وقد أكدت المداخلات على الملاحظات والتوصيات التالية:

• التحذير من إمساك العدو بزمام المبادرة، وإدارة المعركة ليس في غزة فقط، بل في الضفة الغربية بما فيها القدس.

• كان هناك مصلحة إسرائيلية في تقليل فترة هذه الحرب خوفاً من اشتراك حماس فيها.

• إن تقدير أي معركة قادمة يجب أن يكون وفق استراتيجية المقاومة وأجندتها وجدواها وتوقيتها واستعداددها.

• العمل على إنشاء لجنة أو إطار سياسي موحد للمقاومة الفلسطينية لوضع استراتيجية لمواجهة العدو، وهذا يتطلب حواراً استرتيجياً بين حماس والجهاد وباقي فصائل المقاومة لتشكيل رؤية للمواجهات القادمة مع الاحتلال.

• من الضروري الحفاظ على مركزية القدس في الصراع مع الاحتلال.

• استعادة عنصر المبادرة والضربة الاستباقية، والحفاظ على عنصر المفاجأة خلال المواجهات القادمة.

• الهدف الرئيس للاحتلال من هذه المعركة هو المس بمنجزات معركة سيف القدس، وقد كان هناك أخطاء من الجانب الفلسطيني ساعدت الاحتلال على تحقيق هذا الهدف.

• التفريق في إدارة الصراع في قطاع غزة والضفة الغربية، وأن هناك عوامل وظروف تحكم آلية إدارة الصراع في هاتين المنطقتين. ظروف قطاع غزة المحاصر لا تسمح له الانخراط في صراع عسكري عند كل مناسبة أو حدث تحت شعار “وحدة الساحات”. ووحدة الساحات تعني انخراط كل ساحة في مواجهة العدو وأخذ دورها وفق ظروفها وإمكاناتها المتاحة بالتساند والتكامل مع الساحات الأخرى.

• المطلوب تقييم صريح وأمين لواقع المقاومة في قطاع غزة والضفة الغربية، وتحديد أدواتها وإدارتها ومساحتها وإمكانياتها بعيداً عن التضخيم والخطاب التعبوي غير الواقعي.

• التركيز على مساحات ووسائل مقاومة جديدة ومبتكرة في الضفة الغربية وأراضي الـ48، وعدم اقتصار المقاومة على المواجهات العسكرية انطلاقاً من قطاع غزة.