أخبار لبنان

كلمةالبطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعيفي افتتاح مؤتمرالمدارس الكاثوليكيّة الثامن والعشرونثانويّة مارالياس للراهبات الأنطونيّات

كلمة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي

في افتتاح مؤتمر المدارس الكاثوليكيّة الثامن والعشرون

ثانويّة مار الياس للراهبات الأنطونيّات- غزيرفي 16 أيلول 2021

 

“الحوكمة في المدارس الكاثوليكيّة من منظور الديناميّة الجماعيّة”

 

صاحب المعالي وزير التربية الوطنيّة، والتعليم العالي،  ممثلا فخامة رئيس الجمهورية.

سيادة أخينا المطران حنّا رحمة رئيس اللجنة الأسقفيّة للمدارس الكاثوليكيّة،

أصحاب السيادة المطارنة الأجلّاء، قدس الرؤساء العامّين والرئيسات العامّات

حضرة الأب يوسف نصر، أمينها العام وأعضاء الأمانة العامّة،

حضرة السيّد Philippe DELORME الأمين العام للمدارس الكاثوليكيّة في فرنسا،

الآباء والراهبات والمربّون المحترمون.

  1. يسعدني أنأفتتح معكم هذا المؤتمر باسم صاحب الغبطة البطريرك اليونان الحاضر معنا، وأصحاب الغبطة البطاركة والسيادة المطارنة والرؤساء والرئيسات العامين والإقليميّين أعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. فيطيب لي أن أحيّيكم جميعًا، وأن أشكر كلّ المحاضرين والمشاركين والمشاركات.

لقد شئتم من خلال موضوع هذا المؤتمر أن تواكبوا الكنيسة الكاثوليكيّة في مسيرتها السينودسيّة، بما تعني من شركة ومشاركة ورسالة، من أجل حوكمة أفضل في مدارسنا الكاثوليكيّة.

  1. المدرسة الكاثوليكيّة، بحكم صفتها“كاثوليكيّة” تحمل بعدين: الأوّل، التزامها برسالة الكنيسة؛ والثاني، جامعيّتها أي إنفتاحها أمام الجميع، دونما تمييز. فهي، كما نقرأ في الإرشاد الرسوليّ “رجاء جديد للبنان”، مدعوّة لتكون مربّية الأشخاص والشعوب، ولتقديم تعليم نوعيّ ذي أسس علميّة وروحيّة وأخلاقيّة، تجعل منهم مسيحيّين ناشطين، وشهودًا للإنجيل، ومواطنين في بلادهم. ومن هذا المنطلق، تعرض الشؤون الزمنيّة، والنظرة إلى الإنسان والتاريخ، مستنيرة بالإنجيل، وشخص يسوع المسيح بما يمثّل من مثال أعلى في إنسانيّته (راجع الفقرة 106).
  2. لكي تقوم المدرسة الكاثوليكيّةبرسالتها، تحتاج إلى شركة بحيث يضع كلّ واحد من مكوّنات الأسرة التربويّة-إدارة، هيئة تعليميّة، أولياء التلامذة، الموظفون التربويّون، الطلاب، المجتمع، الدولة – ما عنده من نظرة ورأي ورؤية في القضايا التعليميّة والتربويّة المطروحة.

وحياة الشركة تعطي المدرسة الكاثوليكيّة وجه السينودسيّة التي تعني السير معًا، والإصغاء المتبادل، بحيث يعود لكلّ واحد أن يتعلّم شيئًا.

هذه الأعمدة الثلاثة، التي تبنى عليها المدرسة الكاثوليكيّة، هي وحدة متكاملة: شركة سينودسيّة رساليّة. وعلى أساسها يتمّ إصلاح الحوكمة التربويّة والإداريّة. وكم نتمنّى أن يسير في موازاتها إصلاح الحوكمة في المدرسة الرسميّة، من أجل ضمانة رفعة مستوى التعليم والثقافة في لبنان، المشهود له في العالم. فموهبة العلم عندنا هي ثروتنا الطبيعيّة.

إنّ إصلاح الحوكمة عبر الشركة السينودسيّة الرساليّة مدعوٌ ليتمّ من جهة في داخل كلّ مدرسة كاثوليكيّة، ومن جهة أخرى بين المدارس الكاثوليكيّة على مستويين: مستوى مجموعة المدارس التابعة للأبرشيّة أو للرهبانيّة الواحدة من خلال المكتب التربويّ فيها، ومستوى المدارس الكاثوليكيّة ككلّ من خلال أمانتها العامّة. وكذلك من جهة المدارس الرسمية من خلال وزارة التربية والتعليم العالي.

  1. وتقتضيالحوكمة التربويّة الجمع المتوازن بين  التقليد والحداثة، مع السهر على ألّا يذوب التقليد في الحداثة، وألّا تهيمن الحداثة على التقليد. تهدف الحوكمة إلى غاية أساسيّة هي تكوين نوعيّة الإنسان المواطن بوسائل أربع: اولا”، تربيته الشاملة روحيًّا وأخلاقيًّا وعلميًّا وولاءً لوطنه؛ ثانيًا، تأمين التعليم النوعيّ له؛ ثالثًا، توفير التعلّم للجميع لكونه ثروتنا الطبيعيّة؛ رابعًا، الجودة الشاملة (راجع المجمع البطريركي المارونيّة والتربية: في التعليم العام والتقني، الفقرة 64).
  2. من هذا المنطلق، تأتي ورشة“تحديث وتطوير المنهج التربويّ” التي أطلقها معالي وزير التربية والتعليم العالي القاضي عبّاس الحلبي في أوائل آب من العام الماضي 2021.  وباشروا العمل بهذه الورشة في الشهر عينه في المركز التربويّ للبحوث والإنماء بمشاركة القطاع الخاص. وقد شاء الوزير مع القطاع الخاص بالتعاون مع خبراء علميّين وتربويّين، وهذا كان حديثنا منذ اربعة ايام، ان يكون هذا العمل بعيدًا عن التمثيل الحزبيّ والسياسيّ، لئلا يتعطّل تحقيق هذه الورشة، ولئلا تُفسد في جوهرها، إذا ما تحقّقت تحت هذا التمثيل.

فيكفينا أن النزاعات الحزبيّة والسياسيّة أفسدت الإدارة في الدولة، وعطلت القضاء وفكفكت أوصال الجمهوريّة. وآخر مظهر لهذا، التدخّل الحزبي والسياسي الهدّام نراه في عدم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيّات لكي تمارس سلطتها الإجرائيّة، وفي فذلكات إدارة الشغور الرئاسيّ، وكأنّه أمر حاصل. والكلّ يناقض كلّيًّا الدستور، الموضوع جانبًا والمخالف يوميًّا، تأمينًا للمصالح الشخصيّة والفئويّة.

أنتم تدركون، يا معالي الوزير، خطورة هذا الأمر وصعوبة تجنّبه. لكن ثقوا مع معاونيكم أنّنا معكم في هذا السعي ومدارسنا الكاثوليكيّة واللجنة الأسقفيّة والأمانة العامّة تناضل معكم من أجل تحقيق مشروع “تحديث وتطوير المناهج التربويّة”، ونصب أعيننا جميعًا حماية نموّ الإنسان اللبنانيّ بكلّ أبعاده.

  1. إنّي، باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، أتمنّى لهذا المؤتمر النجاح الكامل، تمجيدًا لله، وحمايةً للمدرسة الكاثوليكيّة وللمدرسة الرسمية، والتزامًا بخدمة الإنسان المواطن اللبنانيّ لتتحقق فيه كلمة القدّيس إيريناوس:“مجدُ الله الإنسان الحيّ”.