منوعات

المرتضى في تكريم الشاعر موسى زغيب في حراجل- كسروان: عاشوراء سيرة زكية مستعصية على الزمن تعبق بالقيم الإنسانية والمناقب والمآثر وبالعبرات والعبر.

برعاية وحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى جرى امس في “قلعة الزجل” في حراجل في كسروان تكريم الشاعر الزجلي الكبير موسى زغيب بحضور حشد كبير من شعراء الزجل ومحبيه ومريديه وقد كان للوزير المرتضى كلمة استهلها بشعر زجلي تناول المكرم والشعراء المشاركين كما تناول ذكرى عاشوراء ومما ورد فيها:
“بمسيرۃ كربلا الخطوه مسافه
بسيرۃ كربلا الدمعه ثقافه
بثورۃ كربلا الدم بنجيعو
روی نهر الفُرات وع الضفافي
من العبّاس بو الفضل وصابيعو
صار الورد يشهق يا أسافي
يبكي ع الحُسين وع رضيعو
وع هالطفل اللّي بعدو حُلم غافي
وصباحو تكفّن بتُربة ربيعو
وفتح للموت في نحرو المضافه
المُصَاب الكربلائي ع صريعو
بنحيبو الزينبي ضجّوا الفيافي
وقلْب الحق ع مصرع شفيعو
برثاء الموهبه قال بشَفَافي
بجِناس القافيه وصيغة بديعو
إذا ما الشِعر عزّی بعاشورا
ع نعش الحرف بتموت القوافي”
و مما جاء في كلمة المرتضى :” دعيت ولم اكن لأتوانى عن تلبية الدعوة، على الرُغم من إزدحام المشاغل والإرتباطات، اذْ كيف يستقيمُ أن أتغيب عن إفتتاح فعالية زجل في “حراجل” تحييها ثلةٌ من كبار الشعراء، بحضور جمهورٍ من الذوّاقة المريدين، ودرّةُ التاجِ فيها تكريم مبدعٍ من بلادنا، اضاف بحضوره البهاء على هذه الأمسية، هو أستاذنا الكبير موسى زغيب، وفقننا الله جميعاً لأن لأن نغرف من معينه أدباً ووطنيةً، ومدّه بالصحّةِ، وأنعم عليه بطول العمر.”
وقال :” لو أراد باحث اقتصاديٌّ أن يُعدَّ دراسةً عن مُنتجاتِ المناطقِ اللبنانيةِ القابلةِ للتصدير إلى دولِ العالمِ، لما وجد في حراجل أثمن من الزجلِ سِلعةً تطوف أنحاءَ الأرض حيث ينزلُ لبناني. ذلك أنه فنٌّ ينبتُ بالسليقةِ في قلوب أهل هذا الجبلِ، كما ينبتُ التفاحُ والكرزُ قوافيَ على الأغصان، وكما تجري ينابيعُ الثلجِ سواقيَ من خريرٍ وغناء، وكما تَهبُّ النسائمُ بأصداء العتابا والميجانا. ولهذا يندُرُ أن يوجدَ بيتٌ ههنا في حراجل، خالٍ من شاعرةٍ أو شاعر، يتبادلان التحياتِ صباحَ مساء، بالمـَعنّى والقِرّادي والمخمَّسِ المردود. ”

وأضاف المرتضى :” لو أراد باحثٌ ثقافيٌ أن يفتشَ عن أدبٍ يعكُسُ الفِطرة التي تتسلسلُ على أفواهِ الناسِ طبيعيةً عفويةً، فيها الجِدُّ والمزاحُ والصلاةُ والتحدي والتهنئةُ والرثاءُ وكلُّ أحوال الناس وخلجاتِهم… لما وجدَ أفضلَ من الزجلِ ديوانًا للرؤى والتطلعات، وتراثًا يختزنُ ذاكرةَ القرى وأخبارَ ناسِها، ووسيلةً للمبارزة الكلامية على المنابر، فيها البطولةُ وادعةٌ، والتحدي حميم، وفيها النقاشُ الفكري المؤيدُ بالحجج والأدلة، من هنا ومن هناك، تمامًا كالمحامين الذين يترافعون أمام القضاء عن مصالحَ مختلفةٍ، بآراءٍ متباينة، ويسعَوْنَ كلٌّ من جانبٍ إلى إثبات وجهةِ نظرٍ… فإذا هم جميعًا في النهاية، شعراءَ وجمهورًا وفنًّا، رابحون وفرحون . ”

وأردف :”هذا العهدُ الوثيق بين لبنان والزجل جعلنا في وزارة الثقافة نعمل دائبين على وضع الزجل على لائحة التراث الحضاري غير الماديِّ الخاضع لحماية منظمة الأونيسكو. مسيرةٌ لا بدَّ من استكمالِها حتى نهاياتِها حفاظًا على هذه الثروة الفكرية اللبنانية التي لا مثيلَ لها في أصقاع الأرض كلها. وهذا يحتّم على المجتمعِ الأهلي كما البلديات والجمعيات مسؤولية جمع ما يتيسر من هذا التراث المتناثر، ومعظمه غير مكتوب، لئلا يضيع على تمادي السنين. إنه واجبٌ وطنيٌّ بامتياز، علينا القيام به كي نحمي تراثنا من النسيان ونقدّمَه حيًّا لأجيالنا القادمة.”

وختم وزير الثقافة :” أما الشاعر موسى زغيب، العلَمُ الزجليُّ المرفرِفُ منذ سبعين عاما على الأقل، من غير أن تُلوي به ريحٌ أو تنحني له سارية، فلا أعرفُ إن كان التكريمُ المتكرر له في أكثرَ من مناسبةٍ محليةٍ ووطنية، والأوسمةُ التي نالَها في غير مرة، تكفي لتفيَهُ حقّه، بعدما صرف العمر على منابر الوطن والمهاجر، جاعلًا من الزجل جنسيةً فنيةً يسعى اللبنانيون إليها حيثما سكنوا. جميلٌ شعرُهُ في كلِّ أحوالِ الحياة، وأجملُ ما فيه هذا البعدُ الوطنيُّ الجامعُ الذي عبَّرَ فيه عن حقيقة لبنان وتطلعات اللبنانيين إلى وطنٍ مسيّجٍ بالكرامةِ والخير والجمال. لذلك أسمحُ لنفسي أن أختم كلمتي ببيتين من الشعر /مع شيءٍ من التصرّف/ لإيليا أبي ماضي، أظنهما يتطابقان مع رسالة الزجل اللبناني، ودور الشاعر موسى زغيب فيه:
اِثنانِ أعيا الدهرَ أن يَبليـــــــــــــــهِما لبنانُ “والزجلُ” الذي لِذَوِيْهِ
سألوا الجمالَ فقالَ هذا هيكلي والشعرَ قالَ بنيتُ عرشي فيهِ.”